في تحليل شامل من نيويورك تايمز، تنظر الصحيفة إلى الحرب الإسرائيلية الإيرانية الحالية باعتبارها تصعيدًا طبيعيًا لصراع بدأ منذ السابع من أكتوبر، حين هاجمت حماس جنوب إسرائيل. فبعد تدمير واسع في غزة، وضربات في لبنان واليمن، تحوّل تركيز إسرائيل من الوكلاء إلى رأس الخطر كما تراه: إيران نفسها.
تتعمق الصحيفة في دوافع الضربات، وأبرزها قناعة حكومة نتنياهو بأن الوقت قد حان لتدمير المشروع النووي الإيراني، خاصة في ظل تقديرات إسرائيلية بأن العلماء الإيرانيين باتوا على بعد أشهر من إنتاج قنبلة نووية. إضافة إلى ذلك، تخشى إسرائيل من توقيع إدارة ترامب على اتفاق نووي جديد مع طهران، ما قد يقيد تحركاتها مستقبلًا ويجعل الضربة المباشرة محرجة أو مكلفة سياسيًا. الصحيفة تشير إلى أن إسرائيل تستفيد حاليًا من دعم ضمني من الغرب، حيث تُعد إيران خطرًا مشتركًا وإن كانت هناك خلافات بشأن غزة.
الوضع الإيراني الداخلي يمنح إسرائيل هامشًا أوسع للمناورة. العقوبات الاقتصادية أضعفت البلاد، والضربات السابقة أطاحت بكبار القادة العسكريين، كما فقدت طهران الكثير من نفوذها عبر الميليشيات. حماس وحزب الله والحوثيون في حالة إنهاك، ما خفف من القلق الإسرائيلي بشأن ردود فعل مباشرة على الجبهة الداخلية.
في الداخل الإسرائيلي، تعاني حكومة نتنياهو من ضغوط سياسية متباينة؛ اليمين يريد مزيدًا من التصعيد في غزة، واليسار يطالب بتركيز الجهود على تحرير الرهائن. لكن الهجوم على إيران يحظى بتأييد شعبي واسع، ويعيد نتنياهو إلى ساحة الإجماع، خاصة مع اقتراب الانتخابات ووجود تهم فساد تهدد مستقبله السياسي.
التقرير يلفت إلى أن الحرب قد تمتد أسابيع، وأن خطر التصعيد يظل قائمًا. إسرائيل بحاجة إلى قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها إلا الولايات المتحدة، ما يضع ترامب في قلب المعادلة. رغم تعهده بعدم خوض حروب جديدة، عاد الرئيس الأميركي ليهدد المرشد الإيراني ويطالب باستسلام غير مشروط. تغيّر الموقف الأميركي لا يخلق فقط ضبابية في الأفق الدبلوماسي، بل قد يشعل الجبهة العسكرية أكثر.
الصحيفة تنقل عن مراسليها تأكيدهم على أهمية التمهل في نقل تصريحات المسؤولين، خاصة في ظل تناقضات الخطاب الرسمي الأميركي. التغطية تعتمد على خبراء في الشأن الإيراني، وتقارير استخباراتية، وصور أقمار صناعية، مع التحقق من التصريحات بمصادر متعددة، في محاولة لفهم ما إذا كانت واشنطن تستعد فعلًا للتدخل أم تستخدم التصعيد كورقة ضغط.
في النهاية، ترى الصحيفة أن التصعيد الحالي لا يعكس فقط تحولًا في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، بل قد يشير إلى بداية مرحلة جديدة في أمن الشرق الأوسط، تُرسم فيها التوازنات ليس بين دول ووكلاء، بل بين خصوم مباشرين قد يشعلون حربًا شاملة أو يفرضون تسوية غير متوقعة.
https://www.nytimes.com/2025/06/18/briefing/israel-iran-war-explained.html